الاحتراق النفسي هو حالة مزمنة ناجمة عن التعرض المفرط للتوتر، مما يُسبب إرهاقًا جسديًا ونفسيًا وعاطفيًا. وقد صُنف كظاهرة مهنية من قِبل منظمة الصحة العالمية، حيث يمكن أن يؤثر بشكل كبير على قدرتك على العمل وأداء مهامك اليومية بشكل طبيعي. هناك العديد من الأطر والنماذج المختلفة التي تسعى لاستكشاف كيفية تطور الاحتراق الداخلي النفسي، وكيف يمكن اكتشاف علاماته في وقت مبكر.
سنتناول مراحل الاحتراق النفسي الـ 12 بالتفصيل أدناه. سيساعدك فهم هذه المراحل على تحديد متى تصبح مستويات التوتر غير صحية، ومتى قد يصبح التدخل ضروريًا.
الاحتراق النفسي هو حالة مزمنة تتطور تدريجيًا على مدار فترة طويلة. ومع مرور الوقت، قد تلاحظ تغيّرات في سلوكك ونظرتك للأمور، مما يعكس تطور هذه الحالة. إليك نظرة عامة على مراحله الـ12، مع شرح مفصّل لكل مرحلة لاحقًا:
تم وصف الاحتراق النفسي المهني لأول مرة عام 1974 من قِبل عالم النفس هربرت فرويدنبرغر أثناء بحثه عن آثار العمل على زملائه في عيادة مجانية لعلاج الإدمان.
لاحظ فريدنبرغر أن زملاءه، خاصة العاملين في المجال الصحي، يعانون من إرهاق جسدي وعاطفي شديد. وهم أكثر عرضة لذلك نظرًا لطبيعة عملهم المليئة بالتحديات والضغوط النفسية. ومع تطور مفهوم الاحتراق الداخلي النفسي، بدأ تطبيقه على مهن ومجالات عمل أخرى حيث أصبحت الضغوط المرتبطة بالوظيفة أكثر شيوعًا.
بمساعدة جيل نورث، طوّر فريدنبرغر نموذج المراحل الـ12 للاحتراق النفسي، كما هو موضح أدناه.
في عام 1981، طورت عالمة النفس كريستينا ماسلاش أداتها الشهيرة (مقياس ماسلاش للاحتراق النفسي) لتقييم مستويات الاحتراق النفسي المهني لدى الأفراد بشكل عملي وموضوعي. وقد ساهم عملها وأبحاثها المستمرة في هذا المجال في تعزيز فهمنا الحالي للاحتراق النفسي وتأثيره على المهنيين.
شمل ذلك تقديمها لنموذجها الخاص المكوّن من 6 مراحل الاحتراق النفسي. منذ ذلك الحين، واصلت العديد من الهيئات العلمية والمنظمات الصحية البناء على هذه الأعمال التأسيسية، كما يتضح من اعتراف منظمة الصحة العالمية بالاحتراق الداخلي النفسي كحالة صحية نفسية.
يبدأ الاحتراق النفسي عادةً بدافع يبدو إيجابيًا، وهو الرغبة في الأداء العالي والنجاح في العمل. قد تكون هذه المرحلة شائعة لدى الطموحين وأصحاب الإنجازات العالية، لكن أي شخص يشعر بضغط مفرط للأداء الجيد قد يكون عرضة لتجربة شعور قهري بالطموح. في هذه المرحلة، بالرغم من أنك قد تشعر بالتفاؤل والتركيز على المهام بسهولة، إلا أن هذا الحماس المكثف لا يدوم مع مرور الوقت.
تبدأ في هذه المرحلة بالعمل لساعات أطول، أو العمل بدون أجر، وتحمل مهامًا تتجاوز قدرتك، والرد على رسائل البريد الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع، وإهمال إجازاتك. تضغط على نفسك باستمرار لبذل المزيد من الجهد، وزيادة إنتاجيتك، مما يؤدي إلى تزايد عبء العمل بشكل تدريجي.
لكي تواكب المطالب المتزايدة، تبدأ بإهمال احتياجاتك الأساسية مثل النوم، والأكل، وممارسة الرياضة، وقضاء الوقت مع العائلة أو الأصدقاء، وغيرها. هنا تُصبح احتياجاتك الشخصية في المرتبة الثانية، أو حتى الثالثة، بعد عملك. يمكن أن يؤدي هذا الإهمال إلى أعراض جسدية مبكرة، مثل الإرهاق المزمن أو ضعف المناعة.
في مرحلة الاحتراق النفسي هذه، تبدأ بإنكار وجود الاحتراق الداخلي النفسي، بينما تبدأ بإدراك أنك مُثقلًا. بدلًا من التوقف لترى ما يمكنك فعله بشكل مختلف أو التفكير في التغييرات التي يُمكن إجراؤها، تشعر بالقلق والتهديد. قد تبدأ بمواجهة أعراض نفسية وجسدية أكثر وضوحًا، لكنك تتجاهلها باعتبارها مؤقتة.
في هذه المرحلةقد تُغير قيمك الشخصية لتلبية التزاماتك وطموحاتك في العمل بشكل أفضل. يصبح عملك ونجاحك محور تركيزك الوحيد، وهو ما يُهمك فقط. قد تبدأ بالانسحاب من الأنشطة والعلاقات التي كانت ممتعة سابقًا، لأنك لا تُعطي الأولوية لأي شيء خارج العمل.
تبدأ بالشعور بالإحباط، وعدم التسامح، والعدوانية تجاه الآخرين في مكان عملك، وفقدان صبرك على الإخفاقات المُتصورة. تُلقى اللوم على العمل، ويصبح الوقت نادرًا وثمينًا بشكل متزايد. تصبح التغيرات السلوكية أكثر وضوحًا لمَن حولك، لكنك تستمر في إنكار وجود مشكلة.
في هذه المرحلة، تبدأ في الابتعاد عن عائلتك وأصدقائك، مُركزًا بشكل متزايد على العمل، ومنعزلًا عن الآخرين. قد تكون هذه مرحلة خطيرة، حيث قد تلجأ إلى وسائل هروب مثل الكحول أو المخدرات. ويستمر توتر العمل في التزايد مع تضاؤل نظام دعمك الاجتماعي.
في هذه المرحلة، قد يبدأ المحيطون بك، أفراد عائلتك وأصدقاؤك، بملاحظة تغيرات كبيرة في سلوكك أو شخصيتك، ويزداد قلقهم بشأنها. قد تبدأ حتى في إهمال مسؤولياتك الشخصية. تصبح تغيراتك السلوكية واضحة لمَن حولك، ومع ذلك قد تُصرّ على أنك بخير ولا شيء يدعو للقلق.
تبدأ بالانفصال عن نفسك وعن الآخرين على المستوى العاطفي. تفشل في رؤية نفسك أو علاقاتك كأشياء قيّمة، وتبدأ في عيش كل يوم بطريقة روتينية. يعمل هذا الانفصال كآلية للتكيف، ولكنه يبعدك أكثر عن الدعم المُحتمل.
تبدأ بالشعور بفراغ داخلي عميق، حيث تختفي تمامًا مشاعر التحفيز أو الطموح أو الحماس. في هذه المرحلة يكون الأفراد أكثر عرضة لاستخدام السلوكيات أو المواد الإدمانية للتعامل مع التوتر، أو حتى لمجرد “الشعور بشيء ما”. عادةً ما تتفاقم الأعراض الجسدية، وتستمر إنتاجيتك في الانخفاض.
في هذه المرحلة، يُستخدم مصطلح “الاكتئاب” بمعناه العام وليس كشكل سريري، رغم أن الاكتئاب السريري قد يظهر إذا لم تطلب الدعم المهني. قد تشعر بإرهاق شديد عاطفيًا وعقليًا وجسديًا. هناك نقص تام في الحماس أو الشغف بالحياة. قد تصبح غير قادر على أداء وظائفك اليومية بشكل طبيعي، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية.
في هذه المرحلة، تكون معرضًا لخطر الانهيار الجسدي والعقلي الكامل. يتطلب الأمر عناية طبية فورية، ويجد الكثيرون أنهم بحاجة الآن إلى أخذ إجازة طويلة من عملهم للتعافي بشكل كافٍ. كلينيك ليز ألب هي إحدى هذه المرافق التي يمكنها تقديم العلاج في هذه المرحلة الحرجة من مراحل الاحتراق النفسي. إذا كنتَ أنت أو أحد أحبائكَ يقترب من هذه المرحلة، يُرجى التواصل معنا لمزيد من المعلومات.
بينما يقدم نموذج مراحل الاحتراق النفسي الـ 12 توصيفًا تفصيليًا لتطور الاحتراق النفسي المهني، تجدر الإشارة إلى وجود نماذج أخرى أيضًا.
طوّرت كريستينا ماسلاش نموذجًا من ست مراحل، كما وصفت منظمة الصحة العالمية الاحتراق النفسي من خلال أربع إشارات رئيسية:
تشمل مراحل الاحتراق النفسي الخمسة لماسلاش ما يلي:
تُركّز هذه النماذج البديلة على مراحل مُتشابهة بنفس التدرج الخاص بمراحل الاحتراق النفسي الأخري، لكنها تُكثّف المراحل في فئات أوسع. تُقرّ جميعها بالاحتراق النفسي كعملية تدريجية تتطور عبر مراحل مُحدّدة يمكن تمييزها مع تصاعد الأعراض.
ابدأ رحلة علاجك الفعال وتخلص من الاحتراق النفسي وتواصل معنا للحصول على خدمات كلينيك ليز ألب الفاخرة في علاج الإدمان.
من الضروري لتجنب متلازمة الاحتراق النفسي إعطاء الأولوية للعناية الذاتية، وتحقيق توازن بين الحياة والعمل، والعلاقات الاجتماعية. إليك بعض الطرق للمساعدة في الوقاية أو التخفيف من الاحتراق النفسي:
قد يُصبح التطوّر عبر مراحل الاحتراق النفسي مشكلةً بالغة بالنسبة للأفراد الذين يُعانون من الإدمان. يُمكن أن تُحفّز مستويات التوتر المُتزايدة والاستنزاف العاطفي تعاطي المواد المُخدّرة أو تُفاقمه كآلية للتكيّف. في الوقت نفسه، قد تُخفي المواد المُخدّرة أعراض الإرهاق النفسي مؤقتًا، مما يسمح للحالة بالتطور دون أن يُلاحظها أحد حتى تصل إلى مراحل الاحتراق النفسي الحرجة.
إذا كنت تُعاني من مشاكل الاحتراق النفسي والإدمان معًا، فإنّ البحث عن علاج شامل يُعالج كلتا الحالتين أمرٌ ضروري. تُقدّم مراكز العلاج المُتخصصة، مثل كلينيك ليز ألب، رعايةً مُتكاملةً يُمكن أن تُساعدك على التعافي من كلا التحديين في آنٍ واحد.
تُوضّح مراحل الاحتراق النفسي الاثنتا عشرة كيف يُمكن لشخصٍ حسن النية ظاهريًا أن ينزلق تدريجيًا إلى حالة من الإجهاد المُزمن والمعاناة العاطفية والجسدية والنفسية. من المهم أن نبقى يقظين تجاه أنفسنا وأحبائنا، وأن نحاول التدخل مبكرًا لتفادي الوصول إلى المراحل الأخيرة من مراحل الاحتراق النفسي.
يقدم كلينيك ليز ألب في سويسرا علاجًا شاملًا للاحتراق النفسي يجمع بين الرعاية الطبية والعلاج النفسي في بيئة فاخرة وهادئة تساعد على التعافي. يركز البرنامج على استعادة التوازن الجسدي والعاطفي من خلال جلسات علاج فردية وجماعية، وتقنيات إدارة التوتر، وعلاجات تكميلية مثل التأمل واليوغا، مما يساعد المرضى على استعادة طاقتهم الذهنية وتحقيق الشفاء النفسي الكامل. تواصل معنا الآن.
في أي مرحلة من مراحل الاحتراق النفسي الـ 12، يُنصح بشدة بطلب المساعدة المهنية لحماية نفسك وضمان استمرارك على مسار الصحة والعناية الذاتية. تذكّر أن الاحتراق النفسي ليس ضعفًا أو فشلًا، بل هو رد فعل طبيعي للتعرض المستمر للضغط، ويمكن أن يصيب أي شخص. مع الدعم والتدخل المناسب، يمكنك التعافي واستعادة طاقتك، وحماسك، وفعاليتك.
الأسئلة الشائعة
تُشير المرحلة الأخيرة من الاحتراق النفسي، في جميع النماذج، إلى النقطة التي يصل فيها الضغط النفسي المزمن إلى مستوى حرج يعجز فيه الفرد عن التكيف أو التحمل. في هذه المرحلة، يبدأ الناس في الانهيار جسديًا ونفسيًا، وقد تكون الأعراض شديدة لدرجة أنها تُشبه السكتات الدماغية أو نوبات الهلع أو حتى الأزمات القلبية. في هذه المرحلة، من الضروري التوقف عن التعرض لمصدر الضغط النفسي (عادةً العمل) لفترة طويلة لاستعادة التوازن والصحة العامة.
تشمل علامات الإرهاق النفسي التعب المستمر، وزيادة التشاؤم، وانخفاض الإنتاجية، والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية، وأعراضًا جسدية مختلفة. إذا وجدت نفسك تمر بعدة مراحل من مراحل الاحتراق النفسي المذكورة أعلاه، فقد تكون تعاني من الإرهاق النفسي. يُمكن للتقييم المهني أن يُقدم تشخيصًا أوضح.
نعم، قد يساهم الاحتراق النفسي الداخلي غير المعالج في الإصابة بالعديد من الحالات الصحية بما في ذلك الاكتئاب والقلق واضطرابات تعاطي المخدرات وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع 2 والتعرض للأمراض بسبب ضعف المناعة.