Menu
Menu

       الحشيش في العالم العربي: عادة منتشرة وتداعيات صحية مقلقة ( تأثير الحشيش على الصحة )

عالميًا، يُعدّ الحشيش أكثر المخدرات استخدامًا، ويؤكد ذلك تقارير مكتب الأمم المتحدة المَعني بالمخدرات والجريمة (UNODC)، حيث قُدّر عدد الأشخاص الذين استخدموا الحشيش بحوالي 219 مليون شخص تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا. أما عن استخدام الحشيش محليًا، فإن معظم الدول العربية تجرم استخدامه سواء لأغراض طبية أو ترفيهية. مع ذلك، بدأت بعض النقاشات حول الاستخدام الطبي المحدود للحشيش بالظهور في بعض الدول العربية وما هو تأثير الحشيش علي الصحى.

يمكن استخدام الحشيش لغرض طبي يتم تحت إشراف طبي متخصص لعلاج حالات معينة مثل الألم المزمن، والصرع. يتم ذلك بجرعات محددة وتركيبات طبية معينة ويكون خاضع للتنظيم الحكومي. كما يمكن استهلاكه لغرض ترفيهي بهدف النشوة أو التسلية، والذي غالبًا ما يكون غير منظم أو يحتوي على تركيزات عالية من رباعي هيدروكانابينول THC، مما قد يؤدي إلى الإدمان. هناك بعض الولايات تسمح لأي شخص يزيد عمره عن 21 عامًا بشراء منتجات القنب بدون وصفة طبية.

 هذا الانتشار الواسع في استخدام الحشيش عالميًا ومحليًا بالإضافة إلي تزايد الجدل حول منافعه وأضراره، يجعل من موضوع التوعية بتأثيرات الحشيش الصحية أمرًا بالغ الأهمية خاصةً إذا كانت مستندة إلى مصادر طبية وعلمية موثوقة. تكمن أهمية التوعية المستمدة من مصادر موثوقة في تفادي نشر معلومات خاطئة أو مضللة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وضمان حماية الأفراد من الأضرار المحتملة لاستخدام الحشيش، لا سيما بين الفئات الأكثر عرضة مثل الشباب والمراهقين. 

هيا اكتشف معنا ما تقوله المصادر الطبية العلمية الموثوقة عن الحشيش وتأثيراته الصحية قصيرة وطويلة المدى، وما هي استخداماته في المجال الطبي، بالإضافة إلى الإجابة عن كل التساؤلات التي تدور في ذهنك حول استخدام الحشيش وإدمانه.

ما هو الحشيش؟

الحشيش هو مادة ذات تأثير نفسي تُستخرج من نبات القنب الهندي (Cannabis sativa)، الذي يُعد جنس من النباتات ثنائية الفلقة (eudicot). يتم الحصول علي الحشيش من الأوراق والبراعم المجففة للنبات. كما يُستخدم المصطلح “ماريجوانا” بكثرة للإشارة إلى أوراق القنب الهندي أو غيرها من المواد النباتية الخام في العديد من البلدان. أما عن زيت القنب الهندي (زيت الحشيش) فهو مُركّز من القنب الهندي، يُستخرج عن طريق الاستخلاص بالمذيبات من المادة النباتية الخام أو من الراتنج.

[who.int] [ncbi.nlm.nih.gov

يحتوي نبات القنب على أكثر من 100 مادة كيميائية مختلفة تُسمى الكانابينويدات. لكل منها تأثير مختلف على الجسم والدماغ. دلتا-9-رباعي هيدروكانابينول (THC) والكانابيديول (CBD) هما المادتان الكيميائيتان الرئيسيتان المستخدمتان في الأغراض الطبية. يُعد رباعي هيدروكانابينول (THC) المكون الرئيسي المُهيّج للعقل في الحشيش، وهو المسؤول عن التأثير النفسي أو الشعور بالنشوة. أما الكانابيديول (CBD)، فلا يُسبب ذلك الشعور بالنشوة.

[newsnetwork.mayoclinic.org]

يمكن استهلاك القنب بعدة طرق، لكن يظل الاستنشاق أحد أكثر طرق استهلاك الحشيش شيوعًا وسرعة. تشمل هذه الفئة التدخين، حيث تُحرق أوراق القنب المجففة وبراعمه ويُستنشق الدخان. وهناك طريقة استنشاق أخرى شائعة بشكل متزايد وهي التبخير، والتي تتضمن تسخين منتجات القنب لإنتاج رذاذ يُستنشق بعد ذلك من خلال جهاز متخصص.

[webmd.com]

هناك أيضًا ما يُسمى بـ القنبيات الاصطناعية، وهي مركبات كيميائية تم تصنيعها لمحاكاة تأثير مركب تتراهيدروكانابينول الموجود في نبات القنب. وغالبًا ما تكون أقوى وأكثر خطورة من الحشيش الطبيعي. من أمثلة القنبيات الاصطناعية التي وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عليها؛ درونابينول ونابيلون، ويمكن وصفهما قانونيًا لعلاج الغثيان والقيء الناتج عن العلاج الكيميائي عند فشل العلاجات الأخرى. كما يمكن استخدام درونابينول لعلاج فقدان الشهية المرتبط بفقدان الوزن لدى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز.

[mayoclinic.org]

كما ينتشر مجموعة من الكانابينويدات الاصطناعية الغير قانونية في معظم الولايات مثل K2 أو المعروفة بالتوابل والتي يتم رشها على الأعشاب المجففة ثم تُدخن، ولكن يمكن تحضيرها كشاي أعشاب. تكون آثار هذه المخدرات خطيرة وغير متوقعة وقد تهدد الحياة، نظرًا لانعدام مراقبة الجودة، وإحتوائها على تركيز أعلى بكثير من مادة THC ووجود بعض المكونات الغير معروفة. 

[mayoclinic.org]

 طرق الاستخدام والانتشار

يوجد عدة طرق يلجأ لها المستخدمين لتعاطي القنب سواء بغرض ترفيهي، والذي غالبًا ما يتم عن طريق الاستنشاق، أو لعرض طبي. وتشمل أشكال تعاطي الماريجوانا الطبية ما يلي:

  •  الاستنشاق: يتضمن ذلك تجفيف زهرة القنب في سيجارة أو غليون أو جهاز تبخير.
  • التناول: على شكل كبسولات، وحلوى قابلة للمضغ تُسمى علكة، ومخبوزات.
  •  وضعه تحت اللسان أو على الأغشية المخاطية للفم: عندما يكون على شكل سائل أو رذاذ.
  • التناول الشرجي: على شكل تحميلة تُوضع في المستقيم.
  • الاستخدام الموضعي: يوضع على الجلد على شكل غسول أو جل.

[mayoclinic.org]

من الاتجاهات المهمة والمثيرة للقلق على مدى العقود الأخيرة الزيادة الكبيرة في انتشار وفعالية منتجات القنب، وخاصةً في تركيز رباعي هيدروكانابينول (THC)، بالإضافة إلى تنوع طرق استهلاكها. نباتات القنب الحديثة هي نتيجة تحسين الجينات وممارسات التربية الانتقائية التي تهدف تحديدًا إلى زيادة فعاليتها. بالنظر إلى سبعينيات القرن الماضي، كان محتوى THC في سيجارة القنب الواحدة حوالي 10 ملليجرام، بينما اليوم أصبح أقوى بخمس إلى خمس عشرة مرة. وقد ارتبطت تركيزات رباعي هيدروكانابينول المرتفعة بزيادة احتمالية تطور تعاطي القنب إلى اضطراب تعاطي القنب، من بين مشاكل صحية أخرى

[mayoclinichealthsystem.org][news.mayocliniclabs.com][webmd.com]

التأثيرات الفورية للحشيش على الجسم والعقل

يمتلك الحشيش تأثيرات فورية على الجسم والعقل، حيث قد تشعر بالنشوة في غضون ثوانٍ أو دقائق من تعاطيه. إذا قام المستخدم باستنشاقه فسيشعر بالتأثيرات أسرع مقارنةً بالتناول عن طريق الفم، والذي يستغرق من ساعة إلى ثلاث ساعات للوصول إلى ذروة التركيز والشعور بالتأثيرات. وتشمل التأثيرات الصحية قصيرة المدى لاستخدام القنب ما يلي:

  • الشعور بالنشوة والسعادة والاسترخاء.   
  • الغثيان والدوخة والإرهاق والصداع. 
  • جفاف الفم والعينين
  • ضعف الانتباه وضعف التنسيق الحركي
  • اختلال في الحكم
  • ضعف الذاكرة قصيرة المدى
  • التوهان والهلاوس ونوبات الهلع
  • الذهان عند تناول جرعات عالية
  • ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب.
  • يؤثر سلبًا على مهارات القيادة ويجعلها أكثر خطورة.
  • يتفاعل مع مجموعة واسعة من الأدوية، مثل أدوية الصرع، ومضادات التخثر، ومضادات الاكتئاب.
  • متلازمة القيء الناتجة عن القنبيات (CHS) هي حالة تتميز بنوبات متكررة من القيء الشديد التي لا تستجيب للأدوية التقليدية المضادة للغثيان.
  • يحتوي دخان القنب السلبي على العديد من السموم والمواد المهيجة والمسرطنة نفسها الموجودة في دخان التبغ السلبي، والتعرض السلبي لدخان القنب يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في فحوصات المخدرات.

[webmd.com][news.mayocliniclabs.com][nida.nih.gov][who.int]

التأثيرات طويلة المدى لتعاطي الحشيش

قد يُعرّضك تعاطي الماريجوانا بانتظام لسنوات عديدة لتأثيرات خطيرة للغاية تؤثر على كل جوانب حياتك. من التأثيرات طويلة المدى لتعاطي الحشيش ما يلي:

  • الذاكرة والانتباه: يضعف استخدام الحشيش الذاكرة والانتباه والادراك
  • الآثار النفسية للحشيش: زيادة خطر الإصابة بمشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب، والقلق، والذهان، واضطرابات المزاج
  • الجهاز التنفسي: الحشيش له آثار سلبية للغاية على الرئة مثل السعال المزمن، والتهاب الشعب الهوائية الحاد، وتلف الخلايا المبطنة للشعب الهوائية، وقد تصل إلى سرطان الرئة  
  • احتمالية الإدمان وتأثيره على الحياة الاجتماعية: القنب مادة مسببة للإدمان خاصةً مع الاستخدام المزمن والكثيف، مما يسبب مشاكل في العلاقات الأسرية والاجتماعية، ويضعف الأداء في الدراسي أو الوظيفي وقد يؤدي إلى الانحراف والجريمة
  • استخدام القنب أثناء الحمل: استخدام الماريجوانا أثناء الحمل غير آمن على الجنين فهو يزيد من خطر الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة وتشوهات نمو الدماغ والوفاة خلال عام واحد من الولادة
  • تأثير استخدام القنب على كبار السن: الآثار الجانبية والتفاعلات الدوائية التي قد يسببها القنب تكون أكثر شدة وخطورة لدى كبار السن مقارنةً بالشباب، فقد يؤثر على الذاكرة والوظائف التنفيذية والانتباه بشكل أكبر كما يمكن أن يتفاعل مع أدوية أخرى قد يتناولها كبار السن، مثل الوارفارين، والأفيونيات، والبنزوديازيبينات.

[webmd.com] [nida.nih.gov]

هل الحشيش يؤدي إلى الإدمان؟

يرتبط الاستخدام المزمن والمفرط لمنتجات القنب المحتوية على مادة THC بالإصابة باضطراب تعاطي القنب. وقد قدرت الدراسات أن 22% إلى 30% من مستخدمي القنب يعانون من هذا الاضطراب. من العلامات التي تدل على إصابة الشخص بإدمان الحشيش؛ الرغبة المستمرة أو الجهود الفاشلة للتقليل من تعاطي القنب أو السيطرة عليه، والاستمرار في تعاطيه رغم العلم بأنه يسبب أو يزيد من مشاكل جسدية أو نفسية.

غالبًا ما تُستخدم كلمات مثل الاعتماد النفسي والإدمان الجسدي عندما يتعلق الأمر بإدمان الحشيش، لكنها لا تعني الشيء نفسه. وغالبًا ما يعاني معظم مدمني الحشيش من الاعتماد النفسي والجسدي. يشير الاعتماد النفسي إلى الرغبة الملحة لتعاطي الحشيش لتحقيق حالة نفسية معينة، مثل الشعور بالسعادة، أو لتجنب المشاعر السلبية مثل التوتر والقلق. أما عن الاعتماد الجسدي فهو يختلف عن الإدمان لكنه قد يؤدي إلى الإدمان. يحدث الاعتماد الجسدي للحشيش عندما يتكيف الجسم مع وجود THC ويصبح معتادًا عليه، مما يؤدي إلى ظهور أعراض انسحاب عند التوقف عن الاستخدام. 

قد يُعاني الشخص من أعراض انسحاب بعد التوقف عن تعاطي القنب بكثافة أو لفترة طويلة، أو بعد تقليله بشكل ملحوظ، حتى لو لم يكن يُعاني من اضطراب تعاطي القنب. تبدأ الأعراض عادة خلال 24-72 ساعة وتبلغ ذروتها خلال الأسبوع الأول، وقد تستمر الأعراض النفسية لعدة أسابيع أو أشهر. قد تشمل اعراض انسحاب الحشيش النفسية والجسدية ما يلي:

  •  الغضب، والانفعال، والعدوانية
  • الشعور بالتوتر أو القلق
  • فقدان الشهية أو الوزن
  • الاكتئاب، والأرق
  • رؤية أحلام غريبة
  • الصداع، والتعرق
  • آلام البطن، والرعشة.

وفقًا لأحدث الاحصائيات حول نسب الإدمان عالميًا، فقد ارتفع عدد متعاطي المخدرات إلى 292 مليونًا في عام 2022، بزيادة قدرها 20% على مدى عشر سنوات. ويظل القنب أكثر المخدرات استخدامًا على مستوى العالم (228 مليون مستخدم) أي ما يمثل حوالي 4.3٪ من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا، وذلك وفقًا لتقرير الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC) لعام 2023. كما تشير دراسة تم نشرها في مجلة The Lancet Psychiatry إلى أن واحدًا من كل 10 مستخدمين للحشيش يصبحون معتمدين نفسيًا عليه، وترتفع النسبة إلى 1 من كل 6 في حالة تعاطي الحشيش في سن المراهقة.

[nida.nih.gov] [webmd.com] [nida.nih.gov] [unodc.org][thelancet.com]

استخدام الحشيش في المجال الطبي

يحتوي نبات القنب على أكثر من 100 مادة كيميائية مختلفة. دلتا-9-رباعي هيدروكانابينول (THC) والكانابيديول (CBD) هما المادتان الكيميائيتان الرئيسيتان المستخدمتان في الطب. اعتبارًا من عام 2023، كانت مجموعة واسعة من منتجات الماريجوانا الطبية قانونية في 38 ولاية وثلاثة أقاليم ومقاطعة كولومبيا، ولكنها ظلت غير قانونية بموجب القانون الفيدرالي. كما لم توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على نبات الماريجوانا ككل لأغراض طبية، لكنها وافقت على بعض المواد النقية المشتقة منه. 

تُستخدم الماريجوانا الطبية، أو المواد الكيميائية الموجودة فيه لعلاج بعض الأعراض أو الحالات الصحية. يأتي الماريجوانا الطبية في الغالب بنفس أشكال الماريجوانا الترفيهية، ولكن هناك أيضًا أنواع عالية النقاء ومُصنّعة في المختبر تُستخدم لعلاج حالات معينة. من الحالات التي يُستخدم فيها الحشيش طبيًا:

  • الإيدز أو الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية
  • التصلب الجانبي الضموري (ALS)
  • مرض الزهايمر
  • الهزال (فقدان العضلات مع أو بدون فقدان الدهون)
  • السرطان
  • الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE)
  • الصرع أو أي اضطراب تشنجي آخر
  • الألم العضلي الليفي
  • الجلوكوما (المياه الزرقاء)
  • التهاب الكبد الوبائي (C)
  • مرض هنتنغتون
  • داء التهاب الأمعاء (IBD) ومتلازمة القولون العصبي (IBS)

الجرعات الطبية للقنب مقابل الجرعات الترفيهية

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على ثلاثة أدوية مشتقة من القنب؛ الكانابيديول لعلاج الصرع ومتلازمة لينوكس، ويستخدم الدرونابينول لعلاج فقدان الشهية المرتبط بفقدان الوزن في مرضى الإيدز، والنابيلون للغثيان والقيء المستعصي الناتج عن العلاج الكيميائي. تم تحديد جرعات دقيقة بمعايير صارمة لاستخدام تلك الأدوية المشتقة من القنب المعتمدة من FDA.

  الاستخدام الطبي الفعال والآمن يتطلب معايير صارمة وجرعات موصى بها لا يُسمح بتخطيها، على عكس المنتجات الترفيهية أو الطبية غير المنظمة التي لا توفر هذه الدقة. هذا يسلط الضوء على الفرق الجوهري بين الأدوية الصيدلانية المنظمة ومنتجات القنب المتاحة في السوق، ويؤكد على ضرورة الإشراف الطبي عند استخدام القنب لأي غرض علاجي.   

عدم وجود رقابة من FDA على معظم منتجات القنب يعني أن المستهلكين لا يمكنهم الوثوق بجودة المنتج، أو محتواه من الكانابينويدات، أو خلوه من الملوثات. استخدام القنب دون إشراف طبي يزيد من خطر اضطراب تعاطي القنب، خاصة لمن يستخدمونه للقلق أو الاكتئاب.   

[clevelandclinic.org] [fda.gov] [mayoclinic.org] [ncbi.nlm.nih.gov]

كيف يؤثر الحشيش على المراهقين؟

تُعدّ المراهقة فترة مهمة في نمو الدماغ، وقد يؤثر تعاطي القنب على الدماغ بطرقٍ قد تُؤدي إلى آثارٍ ضارةٍ طويلة المدى. تُظهر الدراسات أن تعاطي القنب بانتظامٍ وبكثافةٍ في مرحلة المراهقة يرتبط بآثارٍ سلبيةٍ على الذاكرة العاملة، وسرعة المعالجة، والذاكرة اللفظية.

يرتبط تعاطي القنب قبل سن 21 بانخفاض في الأداء الأكاديمي، بما في ذلك درجات أقل، وزيادة الغياب، وزيادة خطر التسرب من المدرسة. هذا التأثير ناتج عن ضعف الانتباه، والذاكرة، والتحفيز، وصعوبة التفكير وحل المشكلات.    

[pubmed.ncbi.nlm.nih.gov] [cdc.gov]

تُعدّ منتجات القنب من بين أولى المواد، إلى جانب الكحول والتبغ، التي يُحتمل أن يصادفها الشخص في حياته، وعادةً ما يستخدمها الأشخاص قبل تجربة غيرها. معظم مَن يستخدمون القنب أو سبق لهم استخدامه لا يلجأون إلى استخدام مواد أخرى في مراحل لاحقة من حياتهم. مع ذلك قد ربطت الدراسات أن استخدام هذه المنتجات في سن مبكرة، على وجه الخصوص، يزيد من احتمالية الإصابة باضطراب تعاطي القنب في مراحل لاحقة من الحياة مما قد يُسبب تغيرات دماغية قد تزيد من احتمالية إدمان الشخص على مخدرات أخرى.

[nida.nih.gov]

هل الحشيش بوابة لمواد مخدرة أقوى؟

نظريات المخدرات البوابة

دُرِس مفهوم “نظرية البوابة” منذ سبعينيات القرن الماضي وتطورت لتشمل فهمًا أعمق للعوامل المعقدة التي تؤثر على تقدم تعاطي المخدرات. إذ تُشير هذه النظرية إلى أن تجربة المراهق المبكرة للكحول أو التبغ أو القنب تتفاقم لتتحول إلى إدمان على المخدرات غير المشروعة في مرحلة لاحقة من البلوغ. في حين أظهرت دراسات عديدة ارتباطًا وثيقًا بين تعاطي القنب وتعاطي المخدرات غير المشروعة الأخرى، إلا أن عوامل التنبؤ بالتحول من تعاطي القنب إلى تعاطي المخدرات غير المشروعة الأخرى لا تزال مجهولة إلى حد كبير. لذلك يجب أن تعكس برامج التوعية الفهم الحديث لنظرية البوابة، مع التركيز على أن القنب ليس بالضرورة “بوابة حتمية” ولكنه قد يزيد من المخاطر، خاصة في سياق عوامل خطر أخرى.   

هناك دراسات مؤيدة قد وجدت أدلة قوية على أن الاستخدام المبكر للقنب يزيد من خطر استخدام مواد غير مشروعة أخرى. هناك دراسة قد نُشرت على PubMed تشير بأن حوالي 40% من الأفراد الذين استخدموا القنب طوال حياتهم تطور لديهم تعاطي أنواع أخرى من المخدرات غير المشروعة، مما يُبرز المخاطر المحتملة للسياسات التي قد تزيد من توافر القنب، على الأقل بالنسبة لفئة الأفراد المعرضين لخطر تعاطي أنواع أخرى من المخدرات غير المشروعة.

[pmc.ncbi.nlm.nih.gov]

هناك دراسات أخرى معارضة تتبنى فكرة أن العلاقات لا يمكن تفسيرها بالكامل بنظرية البوابة وحدها، بل بعوامل أخرى مثل الخصائص الأسرية والديموغرافية والنفسية الاجتماعية. هناك أيضًا دراسة أخري تم نشرها علي PubMed، حيث لم تجد هذه الدراسة أن نسبة السكان الذين يتعاطون الكحول أو التبغ أو الماريجوانا في مرحلة المراهقة المبكرة أظهرت أنماطًا متزايدة من تعاطي الماريجوانا أو المخدرات غير المشروعة أو الكوكايين وفقًا لطول فترة المتابعة (حوالي 14 عامًا).

[pmc.ncbi.nlm.nih.gov]

وجود دراسات مؤيدة ومعارضة يسلط الضوء على التعقيد في تحديد العلاقة السببية المباشرة. هذا يشير إلى أن الظاهرة ليست بسيطة وأن هناك حاجة إلى فهم أعمق للعوامل المتعددة التي تساهم في تقدم تعاطي المخدرات. يجب أن يتم تقديم هذه المعلومات بشكل متوازن، مع الاعتراف بوجود الارتباطات ولكن مع التأكيد على أن السببية ليست مباشرة وأن العوامل الفردية والبيئية تلعب دورًا حاسمًا كما يلي:

تُقسّم دراسات التوائم مصادر التباين البيئي إلى عوامل بيئية مشتركة وعوامل خاصة بكل شخص. تشير هذه الدراسات إلى أن 50-70% من الاختلافات الفردية في تعاطي القنب وإساءة استخدامه تُعزى إلى التأثيرات التراكمية للاختلاف الجيني. كما أن تعاطي القنب يرتبط بعدة عوامل بيئية مثل توافر القنب، والظروف المعيشية الصعبة، والتفكك الأسري، وضعف الوازع الديني، وانحراف الأقران، ومراقبة الوالدين، وبداية التعاطي، والعوامل المتعلقة بمصاعب الطفولة (مثل الإساءة، والتاريخ العائلي) والتي تؤثر على بداية التعاطي واستمراره حتى الإدمان. نظرًا للتباين الكبير في النتائج، يصعب استخلاص استنتاجات واضحة بشأن الحجم النسبي لهذه التأثيرات.

[pmc.ncbi.nlm.nih.gov]

طرق العلاج من إدمان الحشيش

على الرغم من أنه لا توجد حاليًا أي أدوية معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج اضطراب تعاطي القنب أو للانسحاب بمساعدة طبية، ولكن تُظهر الأبحاث أن هناك بعض التدخلات التي يمكن أن تكون فعالة في علاج اضطراب تعاطي القنب مثل:

العلاج السلوكي المعرفي: هو نوع من العلاج النفسي منظم وموجه نحو الهدف. يساعدك أخصائي الصحة النفسية على مراجعة أفكارك ومشاعرك بدقة أثناء العلاج السلوكي المعرفي. يمكنك التخلص من الأفكار والسلوكيات السلبية، وتعلم تبني أنماط وعادات تفكير صحية.

برامج إعادة التأهيل الطبية: برامج تُقدم في مراكز متخصصة لإعادة التأهيل تحت إشرافًا طبيًا مستمرًا. تتضمن عادةً إزالة السموم من الجسم، والعلاج الدوائي للسيطرة على أعراض الانسحاب، والعلاج النفسي والسلوكي، والمتابعة بعد التعافي لمنع الانتكاس.

الدعم الأسري والمجتمعي: يشمل ذلك مجموعات الدعم الذاتي، والمشورة الأسرية، وتوفير بيئة منزلية آمنة، والتواصل الجيد، وتثقيف أفراد الأسرة، ووضع القواعد للتعامل مع الشخص المدمن ودعم التعافي طويل المدي.

[my.clevelandclinic.org][moh.gov.sa]

التأثير على الصحة الجنسية والخصوبة

تشير بعض الدراسات إلى أن تدخين الماريجوانا قد يؤثر على الصحة الجنسية من حيث مستويات الهرمونات، وإنتاج الحيوانات المنوية، والخصوبة بشكل عام لدى الرجال والنساء كما يلي:

  • يمكن أن يقلل إفراز هرمونات مثل الدوبامين أو التستوستيرون.
  • استخدام الماريجوانا أكثر من مرة أسبوعيًا يرتبط بانخفاض 29% في إجمالي عدد الحيوانات المنوية.
  • الرجال الذين استخدموا الحشيش لديهم حجم أقل للعضو الذكري.
  • تناقص في قدرة الحيوانات المنوية على الحركة، وزيادة خطر وجود حيوانات منوية غير طبيعية الشكل.
  • القنب يؤثر على نظام الإندوكانابينويد الموجود في الأنسجة التناسلية للرجال والنساء، والمعروف بدوره في الخصوبة.
  • قد يُؤخر استخدام الماريجوانا الإباضة أو يُثبطها.
  • بالنسبة للأزواج الذين يعانون من ضعف الخصوبة أو العقم، قد يكون عاملًا مساهمًا.

على النقيض، هناك بعض الدراسات التي تفيد بأن القنب قد يزيد من نسبة الحيوانات المنوية. وجود نتائج متضاربة حول تأثير القنب على الخصوبة يشير إلى الحاجة الملحة لمزيد من الأبحاث عالية الجودة لتوضيح العلاقة بينهما. لكن الإدمان على المخدرات بشكل عام يمكن أن يؤثر على هرمونات الخصوبة، مما يؤدي إلى خلل في الانتصاب والقذف وتقليل الخصوبة.  كما أن اللامبالاة الناتجة عن الإدمان قد تشمل عدم الرغبة في ممارسة الجنس.

[news.harvard.edu][pmc.ncbi.nlm.nih.gov]

التفاعل مع الأمراض المزمنة

التفاعل بين القنب والأمراض المزمنة معقد ومتعدد الأوجه. فبينما قد يقدم القنب أو مشتقاته بعض الفوائد العلاجية لبعض الحالات، فإنه يمكن أن يفاقم حالات أخرى، وذلك كما يلي:

  • زيادة سرعة ضربات القلب
  • ارتفاع ضغط الدم
  • تشير دراسة جديدة إلى أن استخدام القنب قد يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
  • الجرعات العالية من THC قد تسبب نوبات عند مرضى الصرع
  • قد يؤثر سلبًا على العوامل الأيضية لدى مرضى السكري من النوع الأول.
  • قد يزيد من خطر انسداد الشرايين الطرفية، واحتشاء عضلة القلب، وأمراض الكلى لدى مرضى السكري من النوع الثاني

يجب على الأطباء إجراء تقييم شامل للمخاطر والفوائد المحتملة قبل التوصية بالقنب للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة

[heart.org][cdc.gov][pmc.ncbi.nlm.nih.gov]

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية

يرتبط اضطراب تعاطي المخدرات، ومن بينهم الحشيش، بالعديد من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية والأسرية والقانونية، مما يُشكل عبئًا كبيرًا على الأفراد المتضررين وأسرهم والمجتمع كما يلي:

  • زيادة التكلفة الاقتصادية لتعاطي المخدرات بسبب خسارة الإنتاجية وتكاليف الرعاية الصحية، وانتشار البطالة.
  • العبء العاطفي على الأسرة، حيث قد يشعر أفراد الأسرة بالغضب، والقلق، والخوف، والاكتئاب، والخجل، والشعور بالذنب.
  • العبء الاقتصادي على الأسرة الذي قد ينجم هذا عن إنفاق المال على المخدرات، أو عن مشاكل مالية مرتبطة بفقدان الوظائف.
  • عدم استقرار الأسرة وسوء المعاملة أو العنف، أو تفكك الأسرة بسبب الانفصال أو إبعاد الأطفال من المنزل من قِبل خدمات الأطفال والشباب.
  • الانحراف السلوكي والجنوح (القتل، السرقة، الاغتصاب، العصابات)

[unodc.org][pmc.ncbi.nlm.nih.gov][moh.gov.sa]

الوضع القانوني للحشيش

يختلف الوضع القانوني للقنب بشكل كبير حول العالم، ويعكس التباين بين التجريم والتقنين والتنظيم الطبي. إليك نظرة مقارنة بين التشريعات المتعلقة بالقنب في الدول العربية والغربية، وما الفرق بين التجريم، التقنين، والتنظيم الطبي.

التجريم هو فرض عقوبة صارمة كالسجن لحيازة مادة غير مصرح بها. ويكون كما يلي في دول العالم:

  • في أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي، يشمل القانون السجن كعقوبة محتملة لحيازة القنب غير المصرح به للاستخدام الشخصي.
  • على المستوى الفيدرالي، لا يزال القنب غير قانوني في الولايات المتحدة.
  • تُعتبر المخدرات والكحول والحشيش من المحظورات في معظم الدول العربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية، وتُفرض عقوبات صارمة على تعاطي وحيازة وترويج الحشيش.

التقنين هو السماح بإستخدام المادة ولكن في إطار معين: 

  • بعض دول اوروبا تسمح بزراعة محدودة للقنب في المنزل وفي نوادي زراعة غير ربحية مسجلة، والاستهلاك في المنزل. بعضها يفرض غرامة في بعض حالات الحيازة.
  • سمحت 36 ولاية وأربعة أقاليم في الولايات المتحدة بتقنين القنب للاستخدام الطبي و/أو الترفيهي.

التنظيم الطبي هو السماح بإستخدام المادة بشكل معين وجرعة محددة في حالات طبية محددة:

  • تسمح العديد من الدول في أوروبا بزراعة القنب للأغراض الطبية، مع زراعة ومعالجة تتم عادةً بموجب قواعد صارمة. كما تتوفر بعض الأدوية المشتقة من القنب في سوق الاتحاد الأوروبي
  •   في الولايات المتحدة، يتطلب الحصول على القنب الطبي توصية من أخصائي رعاية صحية مسجل في الولاية، ثم الحصول على بطاقة قنب طبية. تختلف الحالات المؤهلة للقنب الطبي من ولاية لأخرى، ويتم صرفه من مرافق متخصصة.

[internationalcbc.com][webmd.com]

الوقاية وبرامج التوعية

تُعد الوقاية من تعاطي المخدرات، بما في ذلك القنب، جهدًا متعدد الأوجه يتطلب تضافر جهود الأسر والمجتمعات والحكومات وذلك كما يلي:.

  • الأسرة: توفير بيئة هادئة وآمنة، وتجنب الشجار المتكرر، وتحسين الوضع الاقتصادي، وتجنب تعاطي المخدرات، وتعزيز العلاقات، ومعرفة أصدقاء المراهقين. كما يجب تثقيف المراهقين عن مخاطر المواد المخدرة من سن مبكرة والتحدث عن ذلك بشكل متكرر.
  • المدارس: توفير بيئات آمنة وتقليل عوامل الخطر، وتثقيف الطلاب والعائلات حول مخاطر تعاطي المخدرات وكيفية منع سوء الاستخدام والإدمان.
  • المجتمع: نشر معلومات توعوية عن خطورة الإدمان عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفير مجموعات دعم مجتمعية. التشجيع على ممارسة الرياضة أو التأمل أو تعلم هواية جديدة. 

تُعد البرامج المجتمعية ضرورية لمكافحة تعاطي المخدرات: وتشمل:

  • الرسائل المتسقة: تقديم رسائل متسقة عبر منصات متعددة (المدارس، النوادي، المنظمات الدينية، وسائل الإعلام).
  • البرامج الشاملة: الجمع بين برامج متعددة (مثل البرامج الأسرية والمدرسية) لزيادة الفعالية.   
  • البرامج طويلة الأمد: تنفيذ برامج طويلة الأمد مع تدخلات متكررة لتعزيز أهداف الوقاية.   
  • التركيز على عوامل الحماية والمخاطر: مثل تعزيز المشاركة المجتمعية ومجموعات الأقران.   
  • مبادرات حكومية: إطلاق مبادرات وطنية متكاملة لمكافحة الإدمان، تشمل تقليل انتشار المخدرات، والوقاية، والكشف والعلاج، وإعادة الدمج.  

[my.clevelandclinic.org][nida.nih.gov][cdc.gov]

احصائيات 

  1. وفقًا لتقرير “الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC)” لعام 2023، يُعد الحشيش أكثر مادة مخدرة استخدامًا عالميًا، حيث يُقدّر عدد المستخدمين بـ 219 مليون شخص حول العالم، أي ما يمثل حوالي 4.3٪ من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا.

[UNODC World Drug Report 2023]

  1. تشير دراسة نُشرت في مجلة The Lancet Psychiatry إلى أن واحدًا من كل 10 مستخدمين للحشيش يصبحون معتمدين نفسيًا عليه، وترتفع النسبة إلى 1 من كل 6 في حالة تعاطي الحشيش في سن المراهقة.

[The Lancet Psychiatry – Cannabis use and risk of psychosis]

  1. تشير بيانات NIDA إلى أن ما يقرب من 30٪ من مستخدمي الحشيش قد يُصابون باضطراب تعاطي القنب (Cannabis Use Disorder).
  2. نحو 9٪ من جميع المستخدمين يطورون إدمانًا فعليًا، وقد تصل النسبة إلى 17٪ بين من بدأوا في سن مبكر.

National Institute on Drug Abuse – NIDA

  1. في الولايات المتحدة، أظهرت بيانات Monitoring the Future 2022 أن حوالي 11٪ من طلاب الصف الثامن و29٪ من طلاب الصف الثاني عشر أقروا باستخدام الحشيش في العام السابق.
  2. في العالم العربي، أشارت دراسات محلية في بعض الدول إلى أن الحشيش هو أكثر مادة يُساء استخدامها بين المراهقين بعد التبغ والكحول.

Monitoring the Future – NIH

crosschevron-down